تحليل: 9 نقاط تحقق الاستفادة الكاملة من موسم الحج إعلاميا

سبتمبر
06

 

 

مقدمة:

تساءل صديق لي في الوسط الصحفي قائلاً هل حققنا نجاحا إعلاميا هائلا في موسم الحج هذا العام 1438 – 2017م؟ هل استخدمنا التقنيات الإعلامية مثل المحتوى في الصورة ووسائل التواصل الاجتماعي والقنوات والصحفي الأجنبي وغيرها استخداما أمثل للتأثير على المتلقي سواء محليا أو إقليميا أو عالميا؟، وكان التساؤل بالفعل كبيراً .. كيف يمكنني الحكم على ذلك أو كيف يمكنني محاولة تقديم حديث  مقنع لصديقي وللعاملين في المجال الإعلامي أو حتى القارئ .. لكن سأختصر في هذه المدونة ملاحظات عديدة حول الأداء الإعلامي الذي أحاط بحج هذا العام، وأسأل الله التوفيق:

 

– قبل أن أشرع في الحديث عن هذا الأمر سأشير لدراسة علمية نشرت مؤخراً حول معرفة قوة الصورة، وتأثير محتواها على الاستجابات العاطفية والسياسية تجاه الإرهاب وهي دراسة حديثة لعلماء في الإعلام في جامعتي إكستر وكوينزلاند البريطانيتين تم  نشرها في العام 2014م  وتناولت عرض صور الإرهاب الذي تعرضت له لندن في العام 2005 على السياسيين والمواطنين البريطانيين لمعرفة مدى قدرتها على إثارة  المشاعر إما بعرض صور الضحايا لزيادة التعاطف، أو صور الإرهابيين ومنح السياسيين فرصة لإيجاد دعم لتطوير سياسة مكافحة الإرهاب.

لقد أثرت بشكل أو بآخر صور الضحايا والإرهابيين تحديدا على المشاهد البريطاني فجعلته متعاطفا مع أسر الضحايا، وعنيفا تجاه الإرهابيين بل ومهد للسياسيين فرصة فرض مزيد من السياسات لمكافحة الإرهاب.

 

وهذا يعني أن الإعلام اليوم في العصر الحديث لم يعد يحتاج لمزيد من الخطب والقصائد والإشعار لإثارة الجماهير وتوجيه السياسيين نحو اتخاذ موقف ما، بل أضحى تعريض صور محددة على الجماهير تحمل أبعادا إنسانية قادرا على تحقيق الهدف وكسب الجولة تلو الجولة.

هذا ما يجعلنا أن نفكر مليا كيف يمكننا استثمار الحج سواء من ناحية المحتوى أو الصور أو الفيديو للتأثير على المتلقي في أنحاء العالم لنحقق أهدافنا، إننا على حق وأصحاب الحق دوما تكون نجاحاتهم ساحقة.

 

ولأن الحديث يطول في ذلك فلعلي اختصر في مجموعة من النقاط عددا من الملاحظات حول أداء الإعلام في حج هذا العام 1438هـ 2017م.

 

1- دور وزارة الثقافة والإعلام كان بارزا في حج هذا العام فهي تفاعلت بشكل مختلف عما كان في السابق لكن كانت هناك حلقة مفقودة في ضخ المعلومات، مثلا كمتابع شاهدت مقطع فيديو يتتبع اثنين من الحجاج من بلدانهم  تم تقديمه على أجزاء لكن بين كل جزء وجزء فترة زمنية ليست بالقصيرة وهذا أفقد العمل الإثارة، وكان من المفترض إعداد هذا الفيلم في حج هذا العام وتقديمه في العام القادم بلغات متعددة لجذب الانتباه لموسم الحج وكيف يعد موسما للالتقاء الثقافات ومركزا للسلام، ولذلك فإن الضخ المعلوماتي يجب أن يكون مدروس من ناحية المحتوى أو من ناحية التوقيت الزمني .. إلخ.

2- الصور الفوتوغرافية لم تستخدم بشكل جيد في هذا العام، بل كانت تميل إلى إظهار الجماليات – طبعا تتشكل هذه الجماليات بناء على الثقافة والتقاليد-، لقد فات على بعض المصورين  أن لكل دولة وشعب جمالياته وألوانه الخاصة به، والإغراق في الصور الجمالية لا يحقق الهدف المنشود من التقاط الصورة ونشرها والتأثير على المشاهد بل إن تأثيرها سيكون محدودا .

3- غياب البعد الإنساني والإيماني في المحتوى المنشور (صورة أو نصا أو فيديو) متعلق بالحج، إننا عندما نشاهد الصور أو القصص التي تبثها الوكالات العالمية العاملة في مجال الإعلام وخصوصا في الأحداث الكبرى فإنها تذهب للبعد الإنساني ويمكن مشاهدة الصور التي نشرتها صحيفة الغارديان مثلا ( الغارديان – أبرز الصور لحج هذا العام 2017) وهي مجموعة صورة من وكالة الأنباء الفرنسية و اسوشيتد برس ورويترز وغيرها

4-  الاستعانة بمصوري الصحف السعودية المحترفين من قبل وزارة الثقافة والإعلام، إن مصوري الصحف هم الأقدر على التقاط تلك الصور ذات البعد الإنساني والإيماني ويمكن التعاون مع الصحف في هذا الجانب والتي متى ما تم بثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي فستحدث زلزالا هائلاً، إن مصوري الصحف يعملون طوال العام على تتبع الصور الإنسانية وبثها لصحفهم ولذا كان لزاما الاستعانة بهم.

5- تداخل المهام ما بين وزارة الثقافة والإعلام وغيرها من المؤسسات والوزارات الأخرى في نشر المعلومات، مثلا هيئة الإحصاء لديها أرقام عن كل ما يتعلق بالحج ولكن توظيفها إعلاميا لم يكن موفقا بحكم عدم احترافيتها – وهذا ليس ذنبها- إنها أظهرت مثلا الأرقام على تصميم وجعلت الخلفية صورة جوية للحرم المكي وكان من المفترض وضع صور ذات بعد إنساني تبرز كيف تتعامل المملكة مع الحجاج، لابد أن هذا الرقم يركض خلفه المحررون وهي فرصة للتأثير عليهم أيا كانت لغاتهم.

 

6- الحاجة إلى وجود غرفة عمليات تعمل طوال العام لفض الاشتباك بين الجهات المتداخلة معلوماتيا، إن وجود فريق يقوم بتوحيد الجهود الإعلامية وتوزيع التقارير والصور عبر الوكالات أو الصحف أو وسائل التواصل الاجتماعي جعل القوة تضعف قليلا ولو كان هناك فريق موحد فإن الجهد سيكون عاليا والتأثير سيكون قويا، إن على الفريق الذي سيقوم بمثل هذه المهمة العمل طوال العام على استخدام أحدث التقنيات الإعلامية والنظريات في تقديم الحج بطريقة إعلامية مختلفة للعالم.

7- عدم الاستفادة من مراسلي الوكالات العالمية استفادة كاملة وتزويدهم بالمعلومات المهمة، إنني قرأت وخلال موسم هذا الحج حوالي 20 تقريرا صحفيا من بريطانيا وأمريكا تحديدا، وبعض التقارير يظهر من خلالها عدم تزويد وزارة الثقافة والإعلام مراسلي هذه الوكالات بمعلومات معينة، وكذلك عدم تعريضهم لتأثير إعلامي رهيب، إنني عندما ذهبت لتغطية القمة العشرين لرؤساء الدول G20  في الصين تم تعريضنا لزخم معلوماتي رهيب بدء من استقبالنا عند المطار على البساط الأحمر، وحتى منحنا (معرفات) لتجاوز حظر تويتر والفيس بوك وغيره، مرورا بالطريق المرسوم من الفنادق وحتى موقع القمة، بالإضافة إلى أمور أخرى جعلت حواي 5000 آلاف صحفي حضروا لتغطية القمة تحت تأثير معلوماتي رهيب، إن الاستفادة من مراسلي الوكالات الأجنبية يجعل إيصال الرسالة مهمة ليست بالعسيرة.

 

8-  منح الصحفيين السعوديين فرصة بناء شبكة علاقات مع الصحفيين الأجانب الذين حضروا لتغطية الحج، من المفترض اختيار صحفيين شباب من صحف مختلفة لمرافقة الصحفيين الأجانب ومساعدتهم لعدة أهداف منها التعرف على احترافيتهم عن قرب، وتزويدهم بالمعلومات أولا بأول، وكذلك بناء علاقة تمتد لبعد الحج للتأثير على الصحفيين الأجانب لاحقا، إن هذا الأسلوب وجدته واضحا خلال قمة العشرين في الصين فلقد لازمنا بعض الصحفيين الصينيين الشباب وكانت فرصة لعرض ثقافة بلدهم والإجابة عن كثير من الأسئلة.

9- بناء هوية إعلامية بصرية يقع تحت تأثيرها الحاج منذ لحظة تقديمه طلب للفيزا وحتى عودته لبلده، إن القدرة على استهداف النخب في الحج وغيرهم من خلال الهوية البصرية منذ لحظة استلامه تأشيرة الحج وحتى عودته سيسهم في خلق صورة جميلة للمملكة وسيجعل من السهل بناء بعد إنساني بين الحاج والمملكة وشعبها.

 

مجمل القول، لقد كان موسم الحج لهذا العام 1438هـ 2017م موسما استثنائيا فيما يتعلق بالإعلام، ونتطلع في الأعوام المقبلة إلى الاستفادة من موسم الحج لإبراز السعودية والسعوديين إعلاميا بشكل يتوافق مع ما نقدمه، لا سيما ونحن أصحاب حق، إن موسم الحج فرصة لترويج هوية السعوديين الحقيقية فلماذا لا نستفيد من هذا الموسم بشكل كامل؟

 

___

حسن النجراني

15 ذي الحجة 1438

6 سبتمبر 2017

لا يوجد ردود

أضف رد