مواضيع قسم ‘مواضيع متنوعة’

«العربية» و «الجزيرة».. صراع النظريات

مايو
20

رابط المقالة:

https://ajel.sa/opinion/an0lc8o5i7

لا شك أن المهنية هي عمود العمل الإعلامي والرافد الأساسي له، ومن امتلك المهنة فقد امتلك سرها وجوهرها حال عمله، لكن من يمتلك إلى جانب هذه المهنية بُعدا نظريا فإنه سيمتلك المستقبل والجمهور والتأثير، وسيكون قادرا على قراءة الأحداث نتيجة وضع المهنة في سياق العلم. هذا الأمر تفعله كبريات شركات الإعلام عالميا، ومن ذلك في محيطنا العربي، تعمل أبرز قناتين على التصارع في حلبة النظريات لتوظيفها في عملهما وهما قناتي “العربية” و “الجزيرة”.

وبدون الدخول لفلسفة النظريات وتعقيداتها والتي قد لا يفهمها قطاع عريض من الناس، فإن توظيف النظريات ينعكس على التوجهات التحريرية واتباع سياسات إعلامية محددة، مما يجعل هناك فوارق جوهرية في التغطيات وإنتاج المحتوى والغاية التي أُنشأت كل قناة من أجلها.

من النظريات ذات التأثير الواضح على عمل القناتين هي نظرية “التبعية الإعلامية”، ففي وقت تقوم فيه قناة العربية بدعم الأنظمة العربية لمساعدتها على الاستقرار والنمو والازدهار، تقوم قناة الجزيرة بتقديم نفسها كمنبر حر ومستقل وتقدم في الغالب مواقف معارضة نتيجة السياسات التي تنتهجها، وهذا يعني أنها تعمل على تعزيز العمل الإعلامي وإن كان حادا على حساب الاستقرار والتطور والنماء، وهذا يظهر استخدامها لنظرية الصحافة الراديكالية والتي تتبناها “الجزيرة” وظهر ذلك جليا في تغطيتها لأحداث الربيع العربي ٢٠١١م مع تقديم نفسها كمنبر حر لمنتقدي الأنظمة.

ولا تتوقف استخدام النظريات عند هذا الحد بالنسبة للمؤسسات الإعلامية الكبرى العابرة للقارات بل تستخدم نظريات أكثر للوصول إلى قطاع كبير من الجمهور للتأثير عليه والاستحواذ على رأيه، ولذلك تعد نظرية “حارس البوابة” إحدى النظريات التي تطبقها قناة “العربية” أكثر من الجزيرة استنادا لدورها في نشر المحتوى الإعلامي الداعم للاستقرار في المنطقة، فهي تقوم بتصفية المعلومات والأخبار لدعم الدول وتنحاز في بعض الأحيان للسياسات الرسمية من أجل أن يكون دورها داعما للازدهار. وبعكس ذلك، تقوم الجزيرة بنشر القضايا المثيرة للجدل وتمنح كل صاحب صوت حقه في الإدلاء برأيه تحت شعار “الجزيرة، منبر لا منبر له”، وتسمح لتلك الأصوات بانتقاد الدول وربما بحدة، لكنها فيما يتعلق بدولة قطر أو حلفائها فإنها تطبق بشكل واضح هذه النظرية لتصفية المعلومات لدعم توجهات الدوحة وحلفائها.

ولعل هناك نظريات تتعلق بالإعلام التنموي والمسؤولية الاجتماعية تتفوق فيها قناة العربية على الجزيرة، حيث تعمل العربية على تطبيق الإعلام التنموي بشكل مميز من خلال تغطيتها للشؤون الاقتصادية والتنموية في دول الخليج العربية وتظهر أبرز ما وصلت إليه من نماء ورخاء بما في ذلك تغطية الفعاليات والأحداث، مع حرصها على اختيار ألوان أثناء البث تعكس الهدوء والاستقرار في المنطقة. لكن الجزيرة تهتم لحد ما بالتغطية الاقتصادية والتنموية ولكنها تركز بشكل أكبر على القضايا السياسية والاجتماعية وتعمل في بعض الأحيان على انتقاد السياسات الاقتصادية والتنموية في بعض الدول العربية وتعتمد كثيرا على إظهار اللون الأحمر لجذب الانتباه.

ولعل هناك نقاط يمكن التعليق عليها وتحتاج لمساحة أكبر تتعلق بنظرية الهيمنة الإعلامية وغيرها، توضح بشكل كبير قيام “العربية” بتقديم سياسات إعلامية تجعل الأنظمة العربية في حالة من القوة والحضور لضمان الاستقرار الذي ينشده ويريده المواطن في دول الخليج والدول العربية والذي أصابه التعب والوهن جراء الأزمات التي تعصف بالمنطقة منذ ١٠٠ عام، وهو خط أرى يجب اتباعه للنهوض بالمنطقة، لكن “الجزيرة” تظهر في كثير من الأحيان متحدية السلطات وداعمة لكل صوت ولو كان صغيرا أو بسيطا أو متطرفا ومنحه مساحة التي هي بالتأكيد قد تثير الجدل والحنق والسخط لدى المتلقي العربي.

بقي القول، إن النظريات الإعلامية قد تمثل ٢٠٪ في عالم الإعلام بينما تمثل المهنية قرابة ٨٠٪، لذلك قد تجد شخصا محترفا في مجال الإعلام لم يدرسه، لكن الذين احترفوه ودرسوه تكون قوتهم هائلة في التأثير. لذلك فإن قناتي “العربية” و “الجزيرة” قد استغلت النظريات الإعلامية بشكل واضح لزيادة تأثيرها ودعم تفوقها وحضورها، فبينما تميل الجزيرة لتبني الصحافة الراديكالية والانفتاح الإعلامي مع تقليل تأثير التبعية الإعلامية وخصوصا على مستوى إنتاج المحتوى الإعلامي، فإن “العربية” تعتمد بشكل أكبر على نظريات تعزز من الإعلام التنموي والمسؤولية المجتمعية لدعم الاستقرار في المنطقة وتبني طريق الازدهار والنماء.

لا يوجد ردود

سقوط منظري الإعلام

مايو
20

رابط المقالة: https://ajel.sa/opinion/bdm5tznjan

يُغرق بعض المنظّرين المنصات الرقمية بأفكارهم ونظرتهم التي تجعل منشوراتهم تحظى باهتمام واسع ويتداولها مئات الآلاف، فيتأثر بهم القياديون الذين يسندون لهم أدوارا عملية. لكن هؤلاء المنظرون ينهارون عند أول اختبار إداري عملي وهذا يثبت أن الوصول للقمة هو أمر سهل لكن البقاء يعد غير مضمون بسبب تحديات داخلية وأخرى خارجية.

وتعد واحدة من الأسباب الرئيسية هي العزلة الفكرية فكثير من المنظرين إذا حققوا شهرة أولية فإنهم يميلون إلى التمسك بنظرياتهم وأفكارهم ضاربين بما يدور حولهم عرض الحائط، ولا يحدّثون أفكارهم القديمة أو يواكبون التطورات التكنولوجية والمجتمعية. ولذا فعالم الإعلام يتغير بسرعة، ويُعد الجمود الفكري خطأً فادحًا. إذ إن الجمهور بات أكثر تنوعًا، والمنصات الإعلامية أصبحت أكثر تخصصًا وتعقيدًا، مما يتطلب من المنظرين الاستمرار في التعلم والابتكار.

ومن الجوانب الأخرى فإن الانفصال عن الواقع العملي يعد تحديا كبيرا، لا سيما وأن الإعلام يعد مهنة، ولذلك أقول في لقاءاتي بأن التنظير 20% والعمل المهني 80%. ولذا فإن بعض المنظرين يكتفون بتقديم أطروحات أكاديمية أو نظريات مثالية دون التفاعل المباشر مع الممارسة الإعلامية اليومية. وهذا الانفصال يؤدي إلى تناقص تأثيرهم، لأن الممارسين في المجال الإعلامي يبحثون عن حلول عملية ومجدية، وليس فقط عن إطار نظري لا يتماشى مع الواقع. ولذلك فإنه عندما لا تتماشى الأفكار المطروحة مع التحديات الفعلية، يفقد المنظرون مصداقيتهم تدريجياً.

بالإضافة إلى ذلك، تلعب المنافسة الحادة دورًا في سقوط المنظرين. ففي بيئة متغيرة ومتطلبة، يظهر دائمًا جيل جديد من الباحثين والمفكرين الذين يقدمون رؤى أكثر حداثة وتناسبًا مع التوجهات الحالية. وهؤلاء بالتأكيد يجذبون الانتباه والأضواء، مما يدفع المنظرين القدامى إلى الخلفية إذا لم يستطيعوا الاستمرار في تقديم أفكار مبتكرة وقيمة.

كما أن البيئة الإعلامية نفسها أصبحت متقلبة فالانتقال من الإعلام التقليدي إلى الرقمي أدى إلى تغير قواعد اللعبة بشكل جذري. وهذا يؤكد بأن النظريات القديمة قد لا تكون قابلة للتطبيق في عصر الإعلام الاجتماعي والبيانات الضخمة. وهذا يدعو المنظرون إلى التكيف مع هذه التحولات واستيعاب تعقيداتها، من أجل عدم فقدان مكانتهم وتأثيرهم.

بقي القول، إن سقوط المنظرين في العمل الإعلامي ليس ظاهرة مفاجئة، بل هو نتيجة طبيعية للتحديات التي يواجهونها بسبب عدم فهم طبيعة الإعلام والعمل الإعلامي والجمهور والمنصات الرقمية. لا سيما وأن البقاء في الهرم الإعلامي يتطلب مرونة فكرية واتصالاً بالواقع العملي، وقدرة على التكيف مع التغيرات السريعة. ولذلك يسقط المنظرون بسبب بقائهم في مناطقهم وأفكارهم وعدم قدرتهم على استيعاب التحولات حتى يرحلوا، فإذا سقطوا من البرج الإعلامي عادوا للتنظير حتى يصلوا لمنصب آخر وهكذا دواليك.

لا يوجد ردود

إعلام السعودية في رمضان

مايو
20

رابط المقالة:
https://ajel.sa/opinion/5ih8obzo1v

تنتظر دول العالم المناسبات المختلفة لتعزيز صورتها الذهنية وتطوير قدراتها الاقتصادية والسياسية وتستغل في ذلك المناسبات الدينية والرياضية والثقافية والاجتماعية، فتجدها تحشد الجهود لاستغلال هذه المواسم لتسويق أفكارها وتعزيزحضورها وجلب الفرص المتنوعة، وتطوير التواصل مع الآخر.

وتستقبل المملكة ملايين الحجاج والمعتمرين والزوار لأداء موسم الحج والعمرة وتقدم في ذلك الغالي والنفيس من خلال تطوير البنية التحية والتي وصل الاستثمار فيها إلى حدود 112 مليار ريال سعودي بحسب آخر الأرقام فقط في البنية التحتية المتعلقة بالحج، كما تطور الخدمات اللوجستية من بينها خدمات المشاعر المقدمة ومكة المكرمة والمدينة المنورة والمدن الأخرى، بالإضافة إلى الخدمات المتعلقة بالقادمين عبر الجو والبحر والبر والتي لا يكفي المقال لذكرها.

ويعد موسم رمضان موسما مهما لتعزيز الصورة الذهنية للسعودية في العالم الإسلامي، حيث يستقبل أكثر من مليار إنسان القبلة ويصلى إلى مكة المكرمة، ويشاهد عبر قناتي القرآن الكريم والسنة النبوية آخر ما وصلت له العمارة والتنظيم في الحرمين الشريفين، لكن هناك فئات هي بعيدة عن مشاهدة التلفزيون وموجودة في عوالم التطبيقات الرقمية والتي تستلزم صناعة إعلامية متقدمة للوصول لها، بل إن هذه العوالم تتباين في الأعمار والجنسيات والاتجاهات والثقافات والأدلجة التي تنطلق منها.

إن تسليط الضوء على الجهود السعودية في رمضان يستلزم خطة إعلامية واسعة لا يتم الاكتفاء بمنصات معينة أو أماكن معينة، بل ينبغي أن ينطلق البث الإعلامي السعودي من نقاط استراتيجية حول العالم، وعبر مراكز اتصال مدروسة، لضمان تأثير أعمق وحضور أقوى في الفضاء الرقمي.

فآليات الخوارزميات تُعطي الأولوية للمحتوى بناءً على موقع البث، مما يعني أن نشر المحتوى داخل السعودية قد يمنحه انتشارًا محليًا واسعًا، لكنه يفقد الأفضلية بمجرد تغيّر موقع البث؛ لذا ولضمان وصول المحتوى السعودي لجمهور عالمي، ينبغي توزيع نقاط البث بذكاء، بحيث يتموضع المحتوى في مراكز تؤمن له أولوية في تصنيفات الخوارزميات وتعزز من تأثيره وانتشاره عالميًا.

ولتفسير أفضل، فإن خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث تعتمد على مجموعة من العوامل لتحديد المحتويات التي تستحق الظهور في الواجهة، ومن أبرزها الموقع الجغرافي للبث والمشاهدة، حيث تمنح الأولوية للمحتوى الذي يُبث من منطقة معينة ليصل إلى مستخدميها بشكل أكبر، مما قد يؤثر على انتشاره عالميًا.

كما يلعب التفاعل والمشاركة دورًا مهمًا، فكلما زادت معدلات الإعجاب والتعليقات والمشاركات والمشاهدات الطويلة، زادت فرصة دفع المحتوى للواجهة. الحداثة أيضًا عامل رئيسي، حيث تحظى المنشورات الأحدث بفرصة أكبر للظهور، خاصة في المنصات الزمنية مثل تويتر، بينما تركز منصات أخرى على الجودة والاهتمامات الشخصية.

معدل البقاء عنصر حاسم، فكلما طالت مدة مشاهدة المحتوى، ارتفعت قيمته لدى الخوارزميات. كما أن سلطة الحساب ومصداقيته تؤثر في مدى انتشاره، حيث تحظى الحسابات ذات التاريخ القوي بفرصة أكبر للترويج مقارنة بالحسابات الجديدة أو غير الموثوقة.

ولضمان وصول المحتوى السعودي إلى جمهور عالمي وتعزيز حضوره الرقمي، يجب تبني استراتيجيات مدروسة تشمل نشر المحتوى من مراكز بث متعددة حول العالم لضمان انتشاره في فضاءات رقمية متنوعة وتعزيز التفاعل المباشر عبر حملات تفاعلية تحفز الجمهور على المشاركة بفعالية كما أن جودة المحتوى تلعب دورًا محوريًا، مما يستدعي التركيز على التصوير الاحترافي والمونتاج المتقن والأفكار الإبداعية التي تجذب الانتباه وتحقق تأثيرًا أوسع.

بالإضافة إلى ذلك، يعد مواكبة الاتجاهات العالمية وربط المحتوى السعودي بالموضوعات الرائجة أمرًا ضروريًا لتعزيز حضوره في خوارزميات المنصات الرقمية ومن خلال الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل سلوك المستخدمين، يمكن تصميم محتوى مخصص يتماشى مع اهتمامات الجمهور المستهدف، مما يزيد من فرص التفاعل والانتشار ويضمن وصول الرسائل الإعلامية إلى أوسع نطاق ممكن.

بقي القول، إن الإعلام السعودي إذا أراد التفوق عالميا والتوسع في الوصول إلى الجمهور وتعزيز الصورة الذهنية وجلب الفرص الاقتصادية فإن عليه عدم الاعتماد على صناعة وإنتاج وترويج المحتوى محليا بل عليه أن يصنع مراكز اتصال عالمية، وينوع من المحتوى المنتج وكتابته باللغات الحية وأن يطور أدواته للوصول إلى جمهور أوسع.

لا يوجد ردود

صِدامُ المهنيين والمنظرين في مؤتمر إعلام جدة؟

مايو
20

رابط المقالة في صحيفة عاجل الإلكترونية:

https://ajel.sa/opinion/jzgcxw3mdg

في مشهد سريالي اصطدم الفكر بالنظرية في مؤتمر الاتصال الرقمي بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الأسبوع الفائت، كما تقاطعت الممارسة بالحرفة والعناوين العريضة بالحقيقة الصلبة، فلم يكن مؤتمرا عاديا يمر مرور الكرام، بل كان مسرحا يكشف أزمة عمق وفجوة يعمل الجميع على ردمها، كل ذلك من أجل إعلام اليوم والمستقبل لرفع الوعي وتعزيز الهوية والانتماء المهني الحقيقي لبلاط الإعلام وخدمة الوطن والدين في الهدف السامي الكبير.

قد يرى البعض مصطلح “صدام” بأنه تعبير قاسٍ لكنه فعلا ليس إلا توصيفا أراه دقيقا لما حدث فالنقاشات التي حضرتها لم تكن سطحية، ولم تُزَيَّن بالمجاملات، بل كانت مواجهة صريحة حول ما يجب أن يكون عليه الإعلام، ومن يحق له أن يقوده.

لقد عاد المنظرون إلى المشهد عبر مؤتمر جدة، ليُذكّروا الجميع أن الإعلام ليس فقط ممارسة يومية، بل هو معرفة وفكر ونظرية، وظل المهنيون في ثباتهم في هذه المواجهة كعادتهم ويرون أن الفرصة مواتية لتأكيد أن المشكلة قد يكون سببها المنظرون.

ولأن ثلثي خبرتي كانت في المهنة وثلثها في العمل الأكاديمي وقعت بين الفريقين، فأتجاذب الحديث مع المنظرين من زملائي في أقسام وكليات الإعلام في المملكة، فيما تراني لاحقا احتضن رفاق مهنة الإعلام ونتجاذب أطراف الحديث حول المهنة وتحدياتها، وكلما حاولت أن أوحد الرأي أو أقربه بين الطرفين أجد كل فريق يرى أن الآخر هو سبب أزمة الإعلام لدينا اليوم، لكنني في المقابل لازلت أرى أن هناك متسع كبير ليتفق الطرفان على أن المهنة تصنع الواقع وأن الأكاديمية تصنع المستقبل، فإذا اجتمع الفريقان ملكنا إعلاما فاعلا ومؤثرا.

ودعونا نعود إلى ثنايا الحوار بين الجلسات، فقد تبادل الحضور الرأي بصراحة لم تعهدها المؤتمرات السابقة، حيث كشف بعض المنظرين أن من يتحدث باسم الإعلام اليوم لا يمتّ له بصلة سوى العنوان الوظيفي، وأن كثيرًا من القيادات الإعلامية المعاصرة لا يحملون أدوات الفهم العميق للمجال، بل ينتمون إلى عالم الإدارة الإدارية، لا إلى روح الإعلام وفلسفته ومجتمعه.

والمهنيون بدورهم يقولون بأن الفرصة اليوم أصبحت أفضل في صناعة إعلام لا يعتمد على النظرية وتمطيطها، وأن قطاعا من النظريين يجيدون رسم الصور الحالمة بينما في الحقيقة يعجز بعضهم عن كتابة خبر صحفي، أو تحليل خبر إعلامي، أو حتى الرد بطريقة محترفة على سؤال إعلامي؛ لذا فقد رأيت بشكل واضح وجود فجوة معرفية حقيقية بين من يملك الأدوات النظرية، ومن يمارس المهنة.

لذا أقول بأن ما حدث في مؤتمر جدة هو جرس إنذار، ويدعونا إلى التفكير في مشروع متكامل يردم الفجوة بين المنظرين والمهنيين، بين المعرفة والممارسة، بين الفكرة والفعل.

نحتاج إلى أن يجلس الأكاديمي مع الصحفي، والممارس مع الباحث، والمدير مع المفكر، كي نصنع إعلامًا يعرف لماذا هو موجود، وأين يريد أن يصل، فالإعلام لا يتم الاختلاف على رسالته سوى في الأوساط الضيقة التي تخشى الوعي، وتكتم الفكر، وتخاف النقد، أما الأوساط التي تريد مستقبلًا زاهرا لها ولمجتمعاتها، فهي تلك التي تقرب وجهات النظر بين الفريقين، وتردم الهوة، وتصنع مستقبلا يتسع للجميع.

بقي القول، بأن مؤتمر الاتصال الرقمي الذي قاده باقتدار عميد كلية الاتصال والإعلام د. أيمن باجنيد وفريقه ألقى الضوء على أهمية تطوير الإعلام بين المنظرين والمهنيين وأكد بأن الإعلام ليس مهنة فقط، بل هو عقل، ورسالة، ومشروع وطني، وأن الذين لا يملكون عمقا فلسفيا وفكريا من المهنين والمنظرين في الإعلام، مهما كانت أسماؤهم ومناصبهم، فإنهم لن يكونوا سوى عابري منابر، بينما سيسجل التاريخ أسماء اللذين امتلكوا الوعي، وتقبل النقد والعمل على بناء الإعلام ورجالاته.

لا يوجد ردود

هب النسيم نائحا ..!

أغسطس
30

هبّ النسيمُ إلا نسيمك
وحضرت أوجاعٌ وغاب عشقك
والقمر تهادى شيخا في بعدك
والمدائن ابيضّت عيونها لهجرك ..!
هب النسيم ومات قربك ..!
.
.
 
هب النسيمُ نائحا من حبك
والصبح شاحبٌ من هول عنفك
تعالي غدا أو بعد وصلك
أو قولي موعدا فالمواعيد قربك
تعالي وانثري أشواق عشقك 
.
.
هب النسيم والنائمون عن ذكرك
إلا روحي يا روحي من هجرك
هب النسيمُ وتعالى شوق فقدك
هذا الفجر غدا منكسر لبعدك
هب النسيم والروح تشكو وصلك
.
.
مانشستر
٥.٣١ صباحا
السبت ٣٠ اغسطس ٢٠١٤
٤ ذي القعدة ١٤٣٥هـ
 
 

لا يوجد ردود