مواضيع قسم ‘قصص من حول العالم’

إلى أمستردام – هولندا .. رقائق غُربة

أكتوبر
18

image

إنها الساعة ٥.٠٨ م بتوقيت مانشستر الأجمل من كل شيء

ولحظات صامتة بجوار صديقي أحمد خيمي المبتعث

لدراسة الدكتوراه في جامعة مانشستر …

لحظات استرجعت فيها اتصاله الأجمل وبحثه عني في غياهب

الجب في مدينة يورك البائسة، وانساب صوته عبر الهاتف

معلنا عن مفاجأة جميلة وهي صحبته إلى امستردام عاصمة هولندا

تلك المدينة الآسرة للروح ولحظات هانئة أحلم بقضاء أوقات جميلة بها.

.

.

قبل ذلك:

عند ١٠.٣٤ من صباح الجمعة ١٨ اكتوبر ٢٠١٣م والذي يوافق

١٣ ذي الحجة ١٤٣٤هـ لم استفق إلا والكلبة ديزي تفتح الباب

وتقفز إلى سريري فما كان مني إلا أن ركلتها بقدمي طالبا

منها الطلاق وان تكون بعيدة عني فعلاقتي بالكلاب غير جيدة

على الإطلاق.

وعلى عجل جمعت ممتلكاتي ولحقت بقطار عشيقتي مانشستر

ووصلت عند ١.٤٣ ظهرا، وذهبت مشيا على الأقدام للقاء صديقي

وتناولنا فطور المبتعثين وهو عبارة عن وجبة في منتصف الوجبتين

بين الفطور والغداء وتسمى بحسب اختصار أهل الحجاز (فطغد)

يعني فطور وغداء مرة واحدة وهذا حال المبتعثين في ظل مكافأة غير متكافأة.

.

.

عقبها اتجهنا لمنزل صديقي وجمعنا حاجياتنا وانطلقنا للمطار قاصدين اللذيذة

أمستردام حيث تغفو أحلام العشاق .. عشاق الجمال.

.

.

وسأواصل رواية تفاصيل رحلتي عبر هذه التدوينة

انها قصص غُربة ..

.

.

ودمتم

مطار مانشستر .. مبنى رقم ١

٥.١٨ مساء الجمعة

لا يوجد ردود

لماذ يكتئب الإنجليز ..!

أكتوبر
12

بادئ ذي بدء :

عندما تعيش في مجتمعك ولا تخرج للعالم إذا أنت تمتلئ بالأفكار السلبية

.

.

سافرت كثيراً داخل المملكة العربية السعودية بحكم عملي الإعلامي ولقد أتاحت لي جامعة طيبة

المشاركة في أكثر من ٤٠ دورة علمية نظمها المعهد العالي للأئمة والخطباء بالتعاون مع وزارة

الشؤون الإسلامية والتي زرت فيها أكثر من ٤٠ مدينة ومحافظة ومدينة في جميع أنحاء المملكة

واطلعت على ثقافات في الشمال والجنوب وفي الشرق والغرب، ولم تتوقف  زياراتي  داخل المملكة

بل سافرت للمغرب ومصر وسوريا والامارات وقطر وعمان وعددٌ من الدول وتوقعت أنني ألممت بالكثير

لكن سفري من أجل دراسة الماجستير في بريطانيا كانت نقطة تحول، لقد بدأت في فهم أعمق  للمجتمعات الغربية

أن تعيش وتسأل في مجتمع ما عن أي شيء تلاحظه وتجد من يجاوبك فإن كثير من الإشكاليات

ستنجلي وستوضح حقيقة لطالما بحثت عنها

إن البحث المضني يقود للجنون

والجنون يقودك لرمي التهم يمنة ويسرة ، وتصنيف البشرية

في سبيل الوصول للحقيقة وهذا ما دفع الكثير في السعودية لتعليق أي تهمة بالدين ورجاله

نعم قد يكونون سبب فيما نحن فيه لكن لا يتحملون المسؤؤلية كاملة

إذا من يتحمل المسؤولية؟

 

.

.

مساءات سبمتمبر ٢٠١٣ م كانت لذيذة فالمطر ينهمل برذاذ يداعب الوجوه المتعبة بعد صيف بريطانيا

ففي هذا العام مات اثنان من الجنود أثناء التدريبات بسبب الحر وضحكنا كثيراً على هذا الغرب الذي

يموت من ارتفاع درجة الحرارة ونقارن أنفسنا بهم بأننا نصبر على درجة حرارة عالية ولكن عرفتُ السبب

ولذا سأحكي لاحقاً عن  موجات الحر.

.

.

في مدينة يورك جعلت لمساءات سبتمبر جمال لا يضاهيه جمال،

بيدَ أنني سألت سؤالاً مفاجأً لصديقي روجر مانرز

مفاده هل الإنجليز يصبحون أكثر كآبة عند دخول فصل الشتاء، ويصبحون أكثر تجهماً؟

لم ينفى روجر المعلومة لكنه قال إن مما يسبب الكآبة هما موجات الهواء  والمطر، لكن البرد الشديد

لا يسبب ما  نعتقده  كعرب بأن البرد يسبب لهم هذه الكآبة

.

.

كانت كأس البيرة  الخاصة بروجر قد أوشكت على النفاد ونادى بالنادل كي يسعفه بكأسٍ أخرى

وأشعل سيجاراً  ونفثه في الهواء ثم أتبعه بكحة، حينها طلبتُ منه التوقف من أجل صحته لكنه لم يكترث

وفي خضم هذه الاجواء سألته سؤالاً مفاجأً من السبب فيما نحن فيه من حروب ومشاكل حول العالم

 

أجابني بشكل مفاجئ إنه المال والبنوك والشركات العاملة فيه باختصار إنها الصهيونية العالمية التي تعيث فساداً

حينها قلت له إننا نعتقد بأنكم أعداؤنا وأنه يجب قتالكم فأنتم سبب ضعفنا، فقاطعني : لسنا السبب لكننا ستاراً

لحرب يقودها الشيطان المتثمل في الصهيونية فهم يديرون بنوك أمريكا وهم من يتحكمون في العالم

لقد جعلوا الناس عبيداً للبنوك وأسسوا النظام الربوي المحرم أصلاً في الدين المسيحي .

 

فاجأته بسؤال أكثرَ إلحاحاً دام أنكم تؤكدون علاقة الصهيونية بما يحدث؟

وتذكر كتبكم بأن اليهود  قتلوا المسيح عليه السلام ؟

إذا كيف تتصالحون مع اليهود من قتلوا نبيكم ؟

قلي بربك كيف تتصالحون مع قوماً قتلوا نبيكم؟

 

 

.

.

حك روجر ذقنه بكعب كرتون السيجارة وتنحنح ثم عاد للوراء وأخرج سيجاراً  وأشعله

واعتدل .. وردد قائلاً: نعم قد تكون فكراً أقربُ للشيطان لكن سأجاوبك

فأسئلتك محفزة وتثيرني للتجاوب والبحث

 

٢٣ سبتمبر ٢٠١٣

 

لا يوجد ردود

الـنَّـصابونَ الـجُـدد (١) ..!

أكتوبر
06

إنه/ الثالث والعشرون من شهر سبتمبر ٢٠١٣م

والساعة كانت تشير إلى ٤.٢٥ عصراً وكانت لحظات انتهيت فيها من تغطية

مناسبة لسفارة المملكة بنلدن بمناسبة اليوم الوطني لصالح صحيفة عكاظ

وبمعية صديقي العزيز المبتعث من وزارة الصحة وذهبنا عقب اللقاء إلى

مقهى إيطالي في ركن يواجه متجر هارودز  الشهير بشارع النايتس برج بلندن

ودلفنا إلى المقهى واخترنا الجلسات الخارجية للمقهى، لقد كان يوما مرهقاً

إنها الحفلات الرسمية ترهقني طغيتها الصحفية لأن الجمود والرسمية تجتاحها.

 

جلسنا على طاولة خارج الكوفي ونادينا النادلة وهرولت تجاهنا والتي

تبدو للوهلة الأولى بولندية أو رومانية في منتصف العشرينيات، وبادرتها بالسؤال

عن جنسيتها فقالت: من قرية في شمال ميلانو بإيطاليا وحينها خلعت عليها

عدد من الكلمات الجميلة التي تسعد الأنثى عبر أقطار المعمورة

بأنها تبدو جميلة ونشيطة لأصل لسؤالي المنشود وهو ما الذي أتى بها

لديار الإنجليز وبالتحديد الشمطاء لندن؟، فهزت رأسها مبستمة قائلة: القدر والحظ.

 

لم يرق لصديقي ماجد أن أحادث فتاة فأشاح بوجهه مردداً: أين قائمة الطلبات؟

ناولته النادلة القائمة: وطلب كأسين من القهوة، واستغليت الموقف لسؤاله:

ما الذي  يعجبك في الشمطاء لندن، إنني أكرهها ولا آتي لها إلا لمناسبة لصحيفة عكاظ

إنها بلدة بائسة.

لم يرد صديقي ماجد ببنس شفه، وظل صامتاً، إن صديقي ماجد قد لا يسمع في لندن

إنه غارق حتى الثمالة في عشق  الشمطاء.

لكن ما الذي  نفعله هؤلاء أصدقاؤنا وعلينا أن نتعايش معهم..!

 

وفي طاولة مجاورة يجلس رجل شعره أشقر مائل للون الأصفر ويلبس بدلة كحلية

وربطة عنق صفراء ونظارة سوداء وكأنه عادل إمام في فيلم المتسول (ارحموا عزيز قوم)

بيده اليسرى سيجار كوبي فاخر وبيده اليمنى يمسك هاتفه المحمول وكان يرفع

سيجاره لفمه كأنه يدخن لكن سيجاره كان غيرُ مشتعلاً وهو ما أثار تساؤلي.

 

كان يرمقني وصديقي ماجد بنظراته، نظرت إليه وقلت: مرحباً .. فتحدثنا بالانجليزية

قليلاً وبداخلي كنت أدرك تماماً أنه ليس بأوروبي على الإطلاق، وفي خضم

الحديث، بدأي يتحدث العربية بلهجة لبنانية وردد ضاحكاً أهلاً بكم في لندن.

قلت له أهلاً بك أنت في لندن إننا نعيش بالجوار ولسنا زائرين، وسألته عن جنسيته

قال: أنا دنماركي من أصل لبناني  وبدأ يسرد قصته .. وهنا كان الله في عونه:

 

اعتدل في جلسته ثم اتكأ على يساره ومال إلينا قليلاً وأرسل تنهيدة خفيفة

كأنه يتذكر شيئا مريراً حدث له ثم قال أنا اسمي : (فلان) وقد عملت في الدنمارك كمخرج

وقبل أربع سنوات نقلت إلى لندن وكنت أملك شركة فنية وتم إغلاقها بعد أن قام

أحدهم بشكايتي والآن أعمل سائق أجرة٫ وحالياً كل ما أفكر فيه أن أحج إلى بيت الله

ولدي إمرأة وطفلتين وكلهن متحجبات وأسعى إلى حمايتهن كي يبقين متحجبات.

 

في هذه النقطة أدركت أنني أمام نصاب محترف قد أطاح بالكثير من العرب

إنهم يستخدمون تعلقنا الشديد بالدين كي يدخلوا من هذا الباب من أجل

استمالتنا لسرقتنا وحتى آخر قطرة، لكن فاته أنه أمام جيل سعودي

من النصابين الجدد .. ..!

 

واصل صديقنا اللبناني حديثه وحواره معنا وبدأنا نلقي له الطعم فأخبره

صديقي ماجد أنه سيكون في خدمته دام أنه نوى حج بيت الله، وأننا كشعب سعودي

نقوم بأدوارنا تجاه خدمة حجاج بيت الله الحرام، وهنا لمعت في عين صديقنا اللبناني

لمحة انتصار، ولمحتها جيداً فلدي خبرة في التعامل مع قوائم من النصابين حول العالم

لقد كسبت خبرات كبيرة في الإعلام والحياة العامة جعلتني في موقف قوي.

 

أعاد اللبناني ظهره إلى الكرسي وغير دفة الحديث كان يكفيه أن نعرض عليه خدماتنا

وأن نتحمس له، لقد كان يريد هذا الأمر كي يواصل عمله المحترف، ثم سألني عن علاقتي

بصديقي ماجد، وهنا بدأت  أخطر مراحل اللعبة على الإطلاق.

لقد ذُهل مما قلتهُ حول علاقتنا، وهنا بدأ يستشعر بالخطر وكانت مرحلة كسر العظم

 

 

وفي المقال القادم سأروي ما الذي حدث في هذه الليلة الماتعة.

.

.

 

أوائل أكتوبر – مانشستر

٢٠١٣

لا يوجد ردود

الكلبة ديزي ..!

سبتمبر
22

التاريخُ هوَ التاريخ لا يتغير ..

يبقى ثابتاً راسخاً .. فقط يتكرر ..

اليوم السبت ١٥ ذي القعدة ١٤٣٤هـ الموافقُ ٢١ سبتمبر ٢٠١٣م ..

وفي مدينة يورك الإنجليزية وبالتحديد في حي (A comb) الذي يبعد عن مركزِ المدينةِ ٣٠ دقيقة مشياً على الأقدام

إنه/ سبتمبر حيث يكونُ الجو في العادةِ جميلاً كما يصفهُ صديقي روجر مانرز الجديد الإنجليزي ..

إنه يصف أيام سبتمبر حالياً بالغريبةِ، إنّها في هذا العام تمطر ، وليست كالأعوام المنصرمة

في تلك الليلة/

دعاني روجر إلي الذهاب إلى الـ (Pop)  القريب من منزلهِ ترددتُ في الذهاب ففكرتي عن هذه الأماكن

فكرة بائسةٌ فلا أعلمُ عنها سوى أن كل مكان فيه الكحول أو الخمر هو مكان فاسد  وغيرُ جديرٍ بالزيارةِ

ولكن كل محل يفتحُ في المساء فإن بين جنباته هذه الأصناف .. لم أمتنع عن الذهاب وقررتُ مصاحبتهِ

وعندَ دخولي للمكان طلبتُ من النادلة كأساً من الكوكاكولا فيما طلب بيرة، وفضلتُ الجلوسَ خارجَ البوب

فطبقاً لخبرتي السابقةِ القائمةِ على مبدأ السمعِ فإن البوب/ مكانُ فسقٍ وفُجْرٍ بينما ما رأيتهُ كان مكاناً عادياً ..

يجتمعُ فيهِ الإنجليز  إلى الحادية عشرَ مساءً ثم يتفرقون وكل في فلكهِ يسبح ..

 

جلستُ على مقعدٍ خشبي بالخارج وإلى جواري جلس روجر مانرز .. وسرحتُ بفكري للحظات

إلى حيث مانشستر التي قدمت منها في الخامس من اكتوبر ٢٠١٢م ، مبتعثاً من جامعة طيبة

لدراسة الماجستير في تخصص الصحافة الدولية بجامعة سالفورد ببريطانيا ..

وتذكرتُ كيف كنتُ فيما مضى بينَ أصدقاء غايةٌ في الجمال ..

واليوم لا صديقٌ سوى روجور مانرز وزوجته كريستين والكلبة ديزي المدللة

التي عندما دخلتُ لأولِ مرة للمنزل كانت تأتي وتدورُ حولي كأني كعبتُها المشرفة ..!

وتذكرتُ حينها مقولة عادل إمام غفر الله له في (شاهد ماشافش حاقة): بخاف من الكلب يطلع لي أسد ..

ولكن لأنّ التباشير الأوليةِ لهذه العائلة جميلة من حيث أنها ودودة وصدوقة وهذه الخصلة قلما تتوفر في العائلات

الإنجليزية فإنني قررتُ التعايشَ مع الكلبة ديزي، فمن جهة أود الاستفادة من تعلم اللغة الإنجليزية

ومن ناحية أخرى أريدُ أن أقرأ العائلات الإنجليزية من الداخل، إنني مهتم جداً بطريقة عيشهم

لدي عشرات الأسئلة ولدي فضول وشغف صحفي، ولدي أمور لاحظتها في مانشستر ووجدتُ نقيضها

في مدينة يورك، أريد إجابة عنها، أريد معرفة النسيج الاجتماعي بداخل المجتمع الإنجليزي وكيف

يتصرفون تجاه الأجانب  وبالذات العرب، وكذلك علاقتهم بالكلاب، القطط، والجو وطرق معيشتهم

 

كنتُ محظوظاً في شخصٍ يجيبُ عن هذه الأسئلة وهذا ما وجدته في روجر مانرز ..

لقد عاش في دولة قطر ٨ سنوات وقام بالتدريس فيها ويفهمُ ثقافتنا جيداً ..

تأقلمنا سريعاً وكان كلما التقيتهُ يلقي علي السلام  وساعدنا في الاندماج لغتي الإنجليزية المتوسطة..!

وإن اندماجنا السريع جعلنا نتحدث مطولاً عن العديد من المواضيع منها القرآن والإنجيل ..

وفرق النصارى ونظرتها للإسلام والمسيح وحول الكريسمس وأعيادهم،

 

 

إنني في ١٢ يوماً من ٨ سبتمبر وحتى اليوم ٢١ سبتمبر ٢٠١٣ ناقشتُ معهُ عشرات المواضيع.

استفقتُ من غفلتي القصيرة، وروجر يربت على كتفي مردداً سؤالهُ الأجمل هل أنتَ سعيدٌ؟

ورددتُ مباشرة نعم إنه سمبتمبر .. إنها يورك  .. إنها ذات المساءات السعيدة ..

ولما لا يكون المساءُ سعيداً بحضرتك سيد روجر ..

وناقشناً موضوع سوريا ونظرته تجاه ما يحدث في الشرق الأوسط ..

وامتد الحوار من السابعة مساءً وحتى الحاديةَ عشرَ مساءً  …

ولم يقطعْ الحديثُ سوى صوت الباب الخشبي معلناً إغلاق البوب ..

.

.

وسأتحدثُ عن هذه المواضيع مستقبلاً …

.

لحظة وداع:

سيدتي.. تلتحفُ السماءُ بعباءتكِ السوداء ..!

ترفلُ في ليلةٍ من ليالي أيلول/سبتمبر ..

لا يوجد ردود