الكلبة ديزي ..!

سبتمبر
22

التاريخُ هوَ التاريخ لا يتغير ..

يبقى ثابتاً راسخاً .. فقط يتكرر ..

اليوم السبت ١٥ ذي القعدة ١٤٣٤هـ الموافقُ ٢١ سبتمبر ٢٠١٣م ..

وفي مدينة يورك الإنجليزية وبالتحديد في حي (A comb) الذي يبعد عن مركزِ المدينةِ ٣٠ دقيقة مشياً على الأقدام

إنه/ سبتمبر حيث يكونُ الجو في العادةِ جميلاً كما يصفهُ صديقي روجر مانرز الجديد الإنجليزي ..

إنه يصف أيام سبتمبر حالياً بالغريبةِ، إنّها في هذا العام تمطر ، وليست كالأعوام المنصرمة

في تلك الليلة/

دعاني روجر إلي الذهاب إلى الـ (Pop)  القريب من منزلهِ ترددتُ في الذهاب ففكرتي عن هذه الأماكن

فكرة بائسةٌ فلا أعلمُ عنها سوى أن كل مكان فيه الكحول أو الخمر هو مكان فاسد  وغيرُ جديرٍ بالزيارةِ

ولكن كل محل يفتحُ في المساء فإن بين جنباته هذه الأصناف .. لم أمتنع عن الذهاب وقررتُ مصاحبتهِ

وعندَ دخولي للمكان طلبتُ من النادلة كأساً من الكوكاكولا فيما طلب بيرة، وفضلتُ الجلوسَ خارجَ البوب

فطبقاً لخبرتي السابقةِ القائمةِ على مبدأ السمعِ فإن البوب/ مكانُ فسقٍ وفُجْرٍ بينما ما رأيتهُ كان مكاناً عادياً ..

يجتمعُ فيهِ الإنجليز  إلى الحادية عشرَ مساءً ثم يتفرقون وكل في فلكهِ يسبح ..

 

جلستُ على مقعدٍ خشبي بالخارج وإلى جواري جلس روجر مانرز .. وسرحتُ بفكري للحظات

إلى حيث مانشستر التي قدمت منها في الخامس من اكتوبر ٢٠١٢م ، مبتعثاً من جامعة طيبة

لدراسة الماجستير في تخصص الصحافة الدولية بجامعة سالفورد ببريطانيا ..

وتذكرتُ كيف كنتُ فيما مضى بينَ أصدقاء غايةٌ في الجمال ..

واليوم لا صديقٌ سوى روجور مانرز وزوجته كريستين والكلبة ديزي المدللة

التي عندما دخلتُ لأولِ مرة للمنزل كانت تأتي وتدورُ حولي كأني كعبتُها المشرفة ..!

وتذكرتُ حينها مقولة عادل إمام غفر الله له في (شاهد ماشافش حاقة): بخاف من الكلب يطلع لي أسد ..

ولكن لأنّ التباشير الأوليةِ لهذه العائلة جميلة من حيث أنها ودودة وصدوقة وهذه الخصلة قلما تتوفر في العائلات

الإنجليزية فإنني قررتُ التعايشَ مع الكلبة ديزي، فمن جهة أود الاستفادة من تعلم اللغة الإنجليزية

ومن ناحية أخرى أريدُ أن أقرأ العائلات الإنجليزية من الداخل، إنني مهتم جداً بطريقة عيشهم

لدي عشرات الأسئلة ولدي فضول وشغف صحفي، ولدي أمور لاحظتها في مانشستر ووجدتُ نقيضها

في مدينة يورك، أريد إجابة عنها، أريد معرفة النسيج الاجتماعي بداخل المجتمع الإنجليزي وكيف

يتصرفون تجاه الأجانب  وبالذات العرب، وكذلك علاقتهم بالكلاب، القطط، والجو وطرق معيشتهم

 

كنتُ محظوظاً في شخصٍ يجيبُ عن هذه الأسئلة وهذا ما وجدته في روجر مانرز ..

لقد عاش في دولة قطر ٨ سنوات وقام بالتدريس فيها ويفهمُ ثقافتنا جيداً ..

تأقلمنا سريعاً وكان كلما التقيتهُ يلقي علي السلام  وساعدنا في الاندماج لغتي الإنجليزية المتوسطة..!

وإن اندماجنا السريع جعلنا نتحدث مطولاً عن العديد من المواضيع منها القرآن والإنجيل ..

وفرق النصارى ونظرتها للإسلام والمسيح وحول الكريسمس وأعيادهم،

 

 

إنني في ١٢ يوماً من ٨ سبتمبر وحتى اليوم ٢١ سبتمبر ٢٠١٣ ناقشتُ معهُ عشرات المواضيع.

استفقتُ من غفلتي القصيرة، وروجر يربت على كتفي مردداً سؤالهُ الأجمل هل أنتَ سعيدٌ؟

ورددتُ مباشرة نعم إنه سمبتمبر .. إنها يورك  .. إنها ذات المساءات السعيدة ..

ولما لا يكون المساءُ سعيداً بحضرتك سيد روجر ..

وناقشناً موضوع سوريا ونظرته تجاه ما يحدث في الشرق الأوسط ..

وامتد الحوار من السابعة مساءً وحتى الحاديةَ عشرَ مساءً  …

ولم يقطعْ الحديثُ سوى صوت الباب الخشبي معلناً إغلاق البوب ..

.

.

وسأتحدثُ عن هذه المواضيع مستقبلاً …

.

لحظة وداع:

سيدتي.. تلتحفُ السماءُ بعباءتكِ السوداء ..!

ترفلُ في ليلةٍ من ليالي أيلول/سبتمبر ..

لا يوجد ردود

أضف رد