مواضيع قسم ‘مواضيع متنوعة’

إنّها جنيف السويسرية يا صديقي ..!

نوفمبر
08

إنها العاشرة من مساء الجمعة إنه الأول من نوفمبر ٢٠١٣ م
وقد جمعتُ في تلك الليلة شتات العمر .. وشتات الوجع
كل شيء كان يبدو ثقيلاً .. خطواتي ثقيلة .. الثواني ثقيلة
كانت الأرض تمور من تحت قدمي .. لم أقوى على المشي
فتلك الليلة كانت إحدى الليالي الصعبة في سنوات الغربة
حيث يكون الشتات والضياع صديقين لمن يتشتت تفكره
إنّها صعوبة الحياة .. عندما تتذكرُ صديقاً رحل منذ ١٠ سنوات..!

.

لا أدري لمَ مرّ طيفه أمام ناظري فجعلني مرتبكاً وجلاً حزيناً
ليلة عصيبة قلّما تمر في حياتي، لكنها ليلة صديقي محمد
الليلة الأكثرُ رعبا وتدميراً وحزناً .. الليلة التي أضعف فيها
الليلة التي أصبح فيها ضائعاً البتة .. أصبح الشخص الآخر

الذي يمضي بدون روح.. بدون جسد .. بدون أحساسيس

إنها الليلة التي تنهار فيها أبجديات التفوق والنجاح والإحلام

إنها الليلة التي بكيتُ فيها كثيرا منذ سنوات .. لم تكن ليلة عادية

كانت الليلة التي ذرفت فيها الدموع كثيراً على فقده وكأنه بالأمس رحل
الليلة التي أصبحتُ فيها كطفل موجع يتلو الوجع على فقد أم ..!

.

.

حزمت حقيبتي الصغيرة التي تشبه حقائب الطيارين
بها لبس واحد (قميص وجينز) وأدوات النظافة الشخصية

وأوراقي الثبوتية وتسللت إلى قطار مدينة يورك البريطانية

دلفتُ إلى الممرات الخاصة بالمغادرة على القطارات..

وعلى الرصيف الثالث قطاري الذي سيذهب بي إلى مانشستر
ركبتُ قطاري، كانت صفحة الحياة في تلك الليلة سوداء مظلمة

كانت الرعشة الموجعة تتسلل إلى مفاصلي .. ففكري لم يكن

في يورك في تلك الليلة .. إنه في مكان آخر حيث يقبع صديقي الراحل

حيث يحاول الحزن راجلاً أن يرتحل ظهري لكن كنتُ أطرده تماماً ..

فالحزن غيرُ مرحب به في عالمي على الإطلاق ..

.

.

كانت الانهيارات تصب بالداخل صباً حتى أخالني سأفقدُ الوعي ..
جلستُ في الكرسي رقم ٣٠ بجانب النافذة، وأشحتُ بوجهي بعيداً
كنت في تلك الليلة شخص آخر، كنتُ حيث يكون الإنسان ضعيفاً البته
حيث تكون المقاومة في أقصى ضعف درجاتها  .. حيث ينعدم الشعور الداخلي ..
.

.

كانت الأنفاس في تلك الليلة تكاد تنحبس بداخلي  .. حتى يخالني أن الحياة

منحبسة وأن الكون بدا صغيراً للغاية أوله عند رمش عيني وآخره عند طرف أناملي
وما بين عيني وأناملي يمتد هذا العالم ..
حيث ينحبس الوجود والسماوات والأراضين .. حيث لا أشعرُ بمن حولي ..
وتسللت دمعة من عيني .. حاولت كبت جماحها .. حاولت إيقافها  عن مجراها

حاولت ألا يتحول الدمع لبركان يثور ما بداخلي من أوجاع على هذا الرفيق

الذي مضى على رحيله ١٠ سنوات .. لكن ذكرياتنا لا زالت تحتل وجهي وملامحي
.

.

يا لتلك الليلة .. إنها الليلة التي لا تشبهها ولا حتى ليالي ديسمبر الحالكة ..
ليلة أبحرتُ فيها مجبرا في عوالم الخيال والحزن والأقدار الموجعة ..
لم أستطع في تلك اللحظات العارمة  سوى أن أدفن وجهي بين يدي وبكيتُ لأول مرة

منذ سنوات  .. بكيتُ حتى كأنني لأول مرة أبكي على فقده .. بكيت كثيراً

بكيتُ فقدان هذا الشخص العظيم في حياتي .. بكيتُ رحيله الموجع ..

بكيت تلك اللحظات التي كانت تضمنا والتي لو استمر في الحياة لما عرفت الإعلام

ولمضيت في طريقه وطريقي في أن نعيش حياتنا كيفما اتفق لنا …

.

.

في تلك اللحظات لم  انتبه سوى أن من حولي صامتون .. لقد نسيت نفسي

ونسيت من حولي في غمرة المشاعر المتدفقة .. لقد كانت هناك إمرأة

في الأربعينات تنظر إلى بحزن .. وبادرتني بقولها: الحياة جميلة .. لذلك لا تذرف الدموع ..!

ابتسمت وقلت لها: هناك أناس يشذون عن قاعدتك بعبق سيرتهم ..!

.

.

وقطع حوارنا اتصال صديقي أحمد خيمي … قائلا بعفويته المعهودة: أين أنت يا صديقي؟

قلت في الطريق إلى مانشستر .. فردد قائلا: إنّها جنيف يا صديقي .. أسرع  أسرع ..!

ابتسمت لحلاوة روح هذا الصديق الجميل .. وقلت له إنني قادم ..

ففي الثاني من نوفمبر رحلة جميلة إلى مدينة جنيف السويسرية

.

.

وصلتُ إلى شقة صديقي فيصل القاسمي وسالم العلي ودلفتُ سريعاً

ونمتُ وكأنّني أضع عن كاهلي حمل ثقيل ..

.

.

مانشستر

١ نوفمبر ٢٠١٣

لا يوجد ردود

أجمــلُ الضّــلال ..!

نوفمبر
05

أجملُ الضلال سيدتي
ضلال عشقك المبين
وأنفع شيء سيدتي
هيمان لُجِّ عِشقك القديم
وأروعُ غياهب الجُب
غياب في ذنبكِ العظيم
.
.
فوالله كلما تباطأت الخطوات
وتعالت أصوات الرزايا
.
.
استحث هواكِ الخطيئة
والخطيئة فيكِ جَنَّةُ الحنين
وأرجو جحيمك مولاتي
وخُسرانُك هو أصلُ النّعيم
.
.
فلا والله ما كان من مغفرةٍ
سوى رمشكِ الغافي الضنين
ولا شفتينِ أطعمُ من رقَّتِهما
ولا حتى طعمُ التوت ورعة الياسمين
.
.
فلو ناداني أبي لجنة
عرضها حبه الحاني الرصين
وأم دعتني لمغفرتها لهفة
لتعوذّتُ بسلطان عشقكِ النّديم
.
.
هذا مذهبي فيك قِبْلَةً
هذا انحناء قلبي السخين
هذا الهيام إليكِ صومعة
هذا ترهُّبُ فيك ألوف السنين

.

.

فجرُ نوفمبر المتململ

٥ نوفمبر ٢٠١٣ م

لا يوجد ردود

قـتـيـلُكِ هـل يـداوي الـرمـدُ؟

أكتوبر
28

image

قالت له وقد تقطّرَ شوقها:

هل من دواء لعينٍ عاجلها الوجعُ ..!

هل من نظرة أعالجُ ما أصابه الألمُ .!

هل من أوبةٍ فتشفي جراحاً وعشقُ

فلم يجاوبها سوى الصمتُ والغسقُ ..!

.

.

وتعلّقت عيناها ساعةً

معاذَ الله لم الصمتُ والهربُ ..!

فلم يجاوبها سوى ركنٌ قصي ..

وديرٌ غادرهُ راهبٌ واستحلّهُ الفزعُ ..!

.

.

فأنشدت على جدارِ الشوق موئلها ..!

وعانقتْ أنسامٌ مرّت ها هنا وذكرى وموعدُ ..!

وأبقتْ على محياها شحوبٌ وقلبٌ مزّقهُ البعدُ ..

ورعدةٌ أصابتها، وأضحتْ لا تنطقُ سوى الوعدُ ..!

.

.

فهبَّ إليها ناحلٌ ..

قتيلُكِ هل يداوي الرمدُ؟

شهيدُ حُبّكِ يشتهي الضَمَمُ ..

مُغرمٌ في هواكِ ميتٌ وعلى الغرامِ قلبهُ مُصْلَبُ ..!

.

.

لبيكِ سيدتي مداوياً

لبيكِ إنّ عينيكِ تقتلُ وتحيي السهدُ ..!

لبيكِ فما أجملُكِ ذكراً ..

لبيكِ إنّكِ دواءُ من أصابهُ الشوقُ والكَمَدُ ..!

.

.

يورك

٢٠١٣

لا يوجد ردود

يـذوب القلب لكن لا يتــوب ..!

أكتوبر
26

image

لو ذاب القلب ما تاب

ولو ساقوه إلى مفاوز العذاب

 ولو أرغموه على ركوب الصعاب

ولو طرحوه في جحيم .. ما تاب ..!

.

.

كيف يتوب من جنته ..؟

كيف يطلب فيك صعاباً

   وهو مقدام لا يهاب ..

عن حبك لن يزيغ …

حتى لو ذاب كمداً أسد الغاب ..

.

.

سيدتي ..

كيف يطلبون مني الرحيل عن جنتك ؟

كيف يصفونها بالجحيم ..

كيف يصفون بأن في جنتهم ..

ما لذ من العشق وما طاب ..؟

.

.

سيدتي ..

لو لمسوا عشقي ..

وتحسسوا شوقي ..

واشتموا رائحة لهفتي ..

لتابوا على قلبك واهتدوا للصواب ..!

.

.

سيدتي ..

كيف يطلبون مني البعاد ؟

كيف يهتفون بأنك سيدة المحرمات ..!

كيف يصفون عشقك بأنه أعظم الموبقات ..؟

إن الجواب :

إنهم يؤمنون بالقبح .. إنه من المسلّمات ..!

.

.

سيدتي ..

كنتي أستاذتي عشقاً ..

تعلمتُ على يديك العذاب ..

تعلمتُ كيف يكون الانتظار مدرسة ..

تعلمتُ كيف أن العذاب استمتاع ..!

.

.

سيدتي ..

قد يذوب القلب ..

لكنه لا يتوب …!

إنّه يعتقنك/

قبلة

وديناً

ومذهبا ..!

.

.

صباحات أواخر أكتوبر ٢٠١٣

بين لندن ويورك ..

لا يوجد ردود

انتهاكُ حزن ..!

أكتوبر
23

بل أنتي أشدُّ فتكاً وعذاباً

وصورتك التي تسكنني

تمزقني كالذئابا ..!

ما بالُ الهجيرِ دنا ..

ما للرحيلِ غدا سرابا

ما ليومي غادرهُ الفرح

ما لي فقدتُ الثيابا

.

.

يا هذا الذي ..

سكن دمي وجوارحي

وأزمعَ الرحيل وأخفى الجوابا

وعانقني ببسمة ..

مسّها جراحُ ونُدابا

وألقى على زندي

حملٌ يفجّرُ الدمعَ هُتافا

.

.

يا هذا ..

أرفقْ ففي الذبحِ رحمَةٌ

هلّا سَننتَ سكينك  ارتياحا

وجعلتِ من حدِّه جَنّةٌ

وأمتني بلا اضطرابا

ما لهذه الأرضُ أضحت ضيقة

ما لهذا الكونِ الفسيح  زادَ ارتجاجا

.

.

وودعتُ فيكِ كعبةٌ

وودعتُ في مسعاً ومطافا

وودعت فيك أروقةٌ

وودعتُ نحيبي ارتياعا

وجعلتُ غايتي صمتٌ

حتى ينتهكني حزنك انتهاكا

وتدور المعارك طحنا

وتتحطم أضلعي قتالا

.

.

فلو كان لنا سَفْحٌ

لمضيت إليه وصالا

ولبكيتُ حتى يبتلَّ الوادي

ويذوبُ الصخرَ أحزانا

ويصيحُ عبقرُ الوادي

ما أحرانا بدمعك ما أحرانا

.

.

وتدورُ بالوجدِ دورتهُ

ويسقطُ العِشقُ تمثالا

وتموتُ وردة سقيناها

من لهفنا حبا واشتياقا

وتخرُّ الأشعار في لحظة

وتضمحلُّ الأنغام وجدانا

.

.

تنتهي دروتي

وتبلغ الذروة منتهاها

ويسقط قلبي واقفا

وأسطِّرُ الحُزنَ ألوانا

يورك أواخر أكتوبر

٢٠١٣

رد واحد